جريمة الإتجار في الأعضاء جريمة عالمية تتجاوز الحدود

تعتبر جريمة الإتجار في الأعضاء البشرية واحدة من أبشع الجرائم المعاصرة التي تهدد كل القيم الإنسانية والأمن الصحي العالمي، فهي لا تتوقف عند حدود الجريمة التقليدية بل إنها تمس بشكل مباشر حق الإنسان في الحياة والكرامة وتزداد خطورة هذه الجريمة مع تزايد الطلب العالمي على الأعضاء البشرية خاصةً الكلى والكبد بسبب النقص الحاد في التبرعات الشرعية.

الإتجار في الأعضاء

تنتشر هذه الجريمة في العديد من الدول وتستهدف الفئات الأضعف مثل الفقراء أو اللاجئين أو المهاجرين الغير النظاميين، الأمر الذي يجعلها تتطلب استجابة دولية حازمة على المستوى القانوني والطبي والتوعوي.


تعريف جريمة الاتجار في الأعضاء البشرية

إن جريمة الاتجار في الأعضاء البشرية هي عملية بيع أو شراء أو نقل أعضاء بشرية بطريقة غير قانونية، وغالبًا ما تتم تلك العملية عبر استغلال فقر الأشخاص أو جهلهم أو عن طريق الخطف بالإكراه، وتعد من الجرائم المصنفة ضمن الاتجار بالبشر بحسب التصنيف العالمي للأمم المتحدة.


الفرق ما بين التبرع والتجارة؟

التبرع بالأعضاء يتم بموافقة المتبرع وبشكل مجاني بينما تتضمن التجارة استغلالاً ماديًا كبيرًا للأشخاص سواء كان متبرع أو المستفيد فغالبًا ما تتم تلك العملية في بيئات غير صحية أو دون أي إشراف طبي.


ما الأسباب المؤدية لانتشار تجارة الأعضاء؟

من أبرز الأسباب في انتشار تجارة الأعضاء هي الفقر والحروب والأزمات الاقتصادية، بالإضافة إلى نقص التوعية، كما أن قوانين ضعيفة للغاية في حزم تلك الأمور بالإضافة إلى غياب الرقابة تجعل الأمر في بعض الدول بيئة خصبة لهذا النوع من الجرائم.


أكثر الأعضاء المطلوبة في السوق السوداء

تعتبر الكلى واحدة من أكثر الأعضاء طلبًا وتليها الكبد ثم القرنية والنخاع العظمي، ويرجع ذلك إلى سهولة استئصالها وإمكانية زراعتها في ظروف طبية متوسطة مقارنة بالأعضاء الأخرى.


تجارة الأعضاء


الدول التي تنتشر بها تجارة الأعضاء

من الدول التي تعد مركزًا لهذه الجريمة تأتي في المرتبة الأولى الهند تليها باكستان ثم الفلبين ومصر والصين ونيجيريا، وتتم العملية أحيانا بالتواطؤ مع شبكات طبية وسماسرة متخصصين.


دور دولة الاحتلال في تجارة الأعضاء

تؤكد العديد من التقارير الإعلامية والحقوقية أن دولة الاحتلال تعد من أكثر الدول المتورطة بشكل ملحوظ في تجارة الأعضاء، حيث ألصقت حالات متكررة سرقة أعضاء من جثث الشهداء الفلسطينيين، وذلك دون أي إذن من عائلاتهم.

إلى جانب وجود سوق سوداء نشطة في هذا المجال وقد أثارت هذه الانتهاكات موجات من التنديد الدولي واعتبرت ذلك خرقًا واضحا للاعتراف بـ الإنسانية والاخلاق كما وجهت اتهامات لجهات طبية ومؤسسات عسكرية بالتورط في هذه العمليات الأمر الذي يعزز الحاجة إلى تحقيق دولي شفاف ومحاسبة كل المجرمين الذين يقومون بتلك الجريمة.


أساليب تجنيد الضحايا

هناك العديد من الأساليب التي يتبعها تلك العصابات لتجنيد الضحايا منها الاعلانات المضللة أو الوعود الكاذبة بالسفر أو العمل، بالإضافة إلى عمليات الخطف، كما أنه يتم استهداف اللاجئين بشكل خاص.


أساليب تجنيد الضحايا


تأثير الجريمة على الضحايا

يتعرض الضحية آثار نفسية وجسدية سيئة للغاية تشمل تدهور في الصحة الجسدية مضاعفات طبية قد تحدث له، بالإضافة إلى صدمات نفسية قد تؤدي إلى الوفاة ففي أغلب الوقت يفقد الفرد حياته بسبب الجراحة الغير آمنة.


دور المنظمات الدولية في محاربة الجريمة

تلعب الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والانتربول دورًا هامًا في مكافحة الإتجار بالأعضاء وذلك من خلال التنسيق الدولي وتقديم كل الدعم للدول المتضررة.


التشريعات الدولية لمكافحة الاتجار بالأعضاء

هناك العديد من الاتفاقيات الدولية مثل بروتوكول باليرمو واتفاقات ستراسبورغ وهي تجرم الإتجار بالأعضاء وتشجع على معاقبة المتواطئين و تعويض كل الضحايا.


دور الدول العربية في مكافحة الجريمة

هناك بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات وغيرها من الدول التي قامت بوضع قوانين صارمة تمنع بيع الأعضاء وتعاقب السماسرة، بينما لا تزال دول أخرى تحتاج إلى تعزيز الرقابة والتشريعات.


أمثلة حقيقية على جرائم تجارة الأعضاء

في عام 2001 تم تفكيك شبكة دولية داخل جمهورية مصر العربية وكانت تضم أطباء وسماسرة قاموا ببيع أعضاء بشرية للأجانب، أما في الهند تكررت تلك القضية أكثر من مرة من قبل فقراء قاموا ببيع الكلى مقابل مبالغ مادية زاهدة.


طرق التوعية المجتمعية بمخاطر التجارة

تشمل الطرق التوعوية حملات كبيرة عبر الإعلام والمدارس ومنصات التواصل الأجتماعي تقوم بشرح الفرق ما بين التبرع الشرعي والتجارة وتحذر من الوقوع كضحية لتلك الشبكات.


بمخاطر التجارة


الجانب الديني وأثره في الردع

تلعب الفتوى والأحكام الدينية دورًا مؤثرًا في محاربة الجريمة حيث إنها تحرم معظم المذاهب الإسلامية الإتجار في الأعضاء وتعتبرها اعتداء على حرمة الإنسان.


رأي الشريعة الإسلامية في تجارة الأعضاء

إن الشريعة الإسلامية تحرم بشكل قاطع الإتجار في الأعضاء البشرية، إذ أنها تعد انتهاكًا لحرمة وكرامة الإنسان وجسده، وهو ما يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التي تقوم على حفظ النفس وقد أفتت المجامع الفقهية الكبرى لمجمع الفقه الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي يحرم البيع الأعضاء أو شرائها واعتبرت أن الجسد ليس ملكاً للإنسان حتى يستطيع أن يتصرف فيه بالبيع أو الشراء ويسمح بالتبرع وفق ضوابط شرعية صارمة بشرط عدم وجود مقابل مادي وأن يكون المتبرع نابعًا من إرادة حرة وبما لا يضر المتبرع، وبهذا يتفق الراي الشرعي مع الموقف الإنساني الدولي الرافض لتلك الجريمة 


المسؤوليه الاخلاقيه للطاقم الطبي

يجب على الأطباء والمؤسسات الطبية رفض أي إجراءات يشتبه بكونها تجارة غير شرعية في الأعضاء وأن يقوموا بالإبلاغ عن أي حالات مشابهة بذلك.


دور وسائل الإعلام في كشف الشبكات

إن الإعلام الاستقصائي له دور كبير في فضح الشبكات الإجرامية، كما حدث في عدة تقارير دولية واستطاعت كشف تجارة أعضاء في مناطق مختلفة حول العالم خاصةً مناطق النزاعات.


التجارة في الأعضاء خلال النزاعات والحروب

تزداد تلك الجريمة في مناطق الحروب مثل سوريا واليمن حيث إنه في تلك الدول تقل الرقابة الدولية، لذا تقوم تلك الشبكات بتهريب الأعضاء خارج البلاد.


استخدام الإنترنت المظلم في الترويج


استخدام الإنترنت المظلم في الترويج

تقوم العديد من الشبكات في استخدام الإنترنت المظلم لبيع الأعضاء أو التواصل مع المشترين الأمر الذي يصعب من عملية الرقابة عليهم.


الحلول المقترحة لمواجهة تلك الجريمة

هناك العديد من الحلول التي يتم اقتراحها للتقليل من جريمة بيع الأعضاء منها تعزيز التبرع الطوعي أو تطوير بنوك الأعضاء وتشديد العقوبات على تلك الشبكات، بالإضافة إلى دعم الضحايا والتعاون الدولي للتخلص من تلك التجارة السيئة.


أهمية البيانات الطبية المركزية

يجب أن يتم إنشاء قاعدة بيانات مركزية المتبرعين والمستفيدين، الأمر الذي يساعد في الكشف عن الحالات الغير قانونية ومنعها من التكرار.


مسؤولية المجتمع المدني والرقابة

على الجمعيات والمبادرات الأهلية أن يقوموا بزيادة التوعية والرقابة والإبلاغ عن حالات مشاهد مشابهة ولعب دور توعوي صارم خاصةً في المناطق الأكثر فقرًا في البلاد 


الخاتمة: المسؤولية الجماعية لمحاربة جريمة غير إنسانية

تعد جريمة الاتجار في الأعضاء جريمة تعدي على حقوق الإنسان وصحته وكرامته وتحتاج إلى مكافحتها بشكل صارم، بالإضافة إلى تعاون عدد كبير من المستويات منها قانوني والطبي والمجتمع والديني، كما أن دعم الفئات الضعيفة وتوفير بدائل شرعية للتبرع بالأعضاء هي أهم الوسائل لمحاربة تلك الظاهرة ويبقى على كل فرد ومؤسسة تحمل مسؤولية كاملة في محاربة ذلك النوع من الجرائم.


المصدر:

  • موقع الجزيرة نت. 
  • البي بي سي العربي.
  • تقارير الأمم المتحدة.
  • منظمة الصحة العالمية.
  • الانتربول العربي.
  • هيومن رايتس ووتش.
  • تقارير صحيفة هآرتس العبرية .
  • شهادات أُسر فلسطينية.
  • حقوقيين دوليين.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال